responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 192
الرِّقَابَ الْمُؤْمِنَةَ عَلَى امْتِنَاعِ الْعِتْقِ وَالْعُمُومُ يَتَقَاضَاهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ بَلْ الْتِزَامٌ لِلتَّخْصِيصِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَإِلْغَاءٌ لِلْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ بِخِلَافِ هَذِهِ النَّكِرَةِ لَوْ كَانَتْ فِي سِيَاقِ الْأَمْرِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ عَامَّةً بَلْ مُطْلَقَةً فَيَكُونُ حَمْلُهَا عَلَى نَصِّ التَّقْيِيدِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَظَهَرَ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ نَصَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَا بِمُسْتَوِيَيْنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنْته لَك فَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْمَبْحَثِ أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي كُلِّيٍّ دُونَ كُلِّيَّةٍ وَفِي مُطْلَقٍ دُونَ عُمُومٍ وَفِي الْأَمْرِ وَخَبَرِ الثُّبُوتِ دُونَ النَّهْيِ وَخَبَرِ النَّفْيِ لِأَنَّ خَبَرَ النَّفْيِ كَقَوْلِنَا لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ يَقَعُ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ فَيَئُولُ الْحَالُ إلَى الْكُلِّيَّةِ دُونَ الْكُلِّيِّ وَخَبَرُ الثُّبُوتِ هُوَ كَالْأَمْرِ نَحْوَ فِي الدَّارِ رَجُلٌ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ كُلِّيٌّ لَا كُلِّيَّةٌ لِأَنَّ النَّكِرَةَ لَا تَعُمُّ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ وَإِذَا تَقَرَّرَ الْفَرْقُ وَاتَّضَحَ الْحَقُّ فَهَاهُنَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ.
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
الْحَنَفِيَّةُ لَا يَرَوْنَ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ يَقُولُ إنَّ الْحَنَفِيَّةَ تَرَكُوا أَصْلَهُمْ لَا لِمُوجِبٍ فِيمَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَوَرَدَ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» فَقَوْلُهُ «إحْدَاهُنَّ» مُطْلَقٌ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُولَاهُنَّ» مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَحْمِلُوا الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيُعَيِّنُوا الْأَوْلَى بَلْ أَبْقَوْا الْإِطْلَاقَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَكَانَ يُورَدُ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِمْ الْجَوَابُ عَنْهُ فَسَمِعْته يَوْمًا يُورِدُهُ فَقُلْت لَهُ هَذَا لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَجْلِ قَاعِدَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهَاهُنَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ) قُلْت مَا قَالَهُ أَيْضًا مُسَلَّمٌ غَيْرَ إطْلَاقِهِ لَفْظَ الْكُلِّيِّ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَاحِدَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ فَلَا مُشَاحَّةَ وَإِنْ أَرَادَ الْكُلِّيَّ حَقِيقَةً فَلَيْسَ الْكُلِّيُّ هُوَ الْمُطْلَقُ بَلْ الْكُلِّيُّ الْحَقِيقَةُ وَالْمُطْلَقُ الْوَاحِدُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مِمَّا فِيهِ الْحَقِيقَةُ قَالَ
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْحَنَفِيَّةُ لَا يَرَوْنَ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ)
قُلْت مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَدَخَلَهَا أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَكَفَّارَةٌ فَقَطْ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ اتِّفَاقًا إذْ هِيَ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَالطَّلَاقُ كَعُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ الْآنَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْحِنْثِ فِي كُلِّ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ اهـ هَذَا وَلَفْظُ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقَسَمِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ عُرْفًا وَمِنْ قَبِيل الْحَقِيقَةِ.
وَالْمَجَازِ لُغَةً إلَّا أَنَّهُ فِي قَوْلِ الْحَالِفِ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ بِحَسْبِ الْعُرْفِ وَلَا مِنْ قَبِيلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِحَسْبِ اللُّغَةِ وَإِنْ قَالَ الْأَصْلُ بِهِ وَبِأَنَّ قَاعِدَةَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ نَظَرًا لِكَوْنِ قَرِينَةِ الْمَجَازِ إنَّمَا تَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ التَّلْوِيحِ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَتِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا.
وَذَلِكَ لِأَنَّ قَاعِدَةَ تَقْدِيمِ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ عَلَى الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ تَقْتَضِي إبْطَالَ الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ بِحَسْبِهِ وَاسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي لَفْظِهِ الْمُفْرَدِ لَا الْجَمْعِ كَمَا هُنَا أَلَا تَرَى أَنَّ لَفْظَ الزَّيْدُونَ رَفْعًا وَالزَّيْدِينَ نَصْبًا وَجَرًّا يَدُلُّ عَلَى أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وُضِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَفْظُ زَيْدٍ الْمُفْرَدِ بِأَوْضَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ قَبِيلِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْلُ الْحَالِفِ أَمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مُلُوكِ الْوَقْتِ فِي التَّحْلِيفِ بِهِ فِي بَيْعَتِهِمْ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ بِحَيْثُ صَارَ عُرْفًا وَمَنْقُولًا مُتَبَادَرًا لِلذِّهْنِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ عَلَى الْقَانُونِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاللُّغَةُ لَا غَيْرُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ فَالْمُعْتَبَرُ النِّيَّةُ ثُمَّ السَّبَبُ أَوْ الْبِسَاطُ ثُمَّ الْعُرْفُ ثُمَّ اللُّغَةُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ فِي الْفَرْق بَيْنَ قَاعِدَة النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُؤَكِّدَةِ]
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُؤَكِّدَةِ) الصَّحِيحُ إبْدَالُ الْمُؤَكِّدَةِ بِالْمُخْرِجَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ مُؤَكِّدَةً إلَّا بِنَاءً عَلَى مَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ التَّخْصِيصِ بِالنِّيَّاتِ كَحُكْمِ التَّخْصِيصِ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَدْلُولَاتِ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْمُخَصِّصُ مُنَافِيًا لِلْمُخَصَّصِ وَإِلَّا احْتِمَالُ قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَقَصْدِ التَّخْصِيصِ عَلَى السَّوَاءِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ مُقْتَضَى الْعُمُومِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ الْخُصُوصِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُنَافَاةُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَى التَّخْصِيصِ لِاسْتِحَالَةِ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ أَنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ مُخَصِّصَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَوَاعِدَ الشَّرْعِيَّةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ إلَّا عَلَى النِّيَّاتِ وَالْقُصُودِ وَمَا لَيْسَ بِمَنْوِيٍّ وَلَا مَقْصُودٍ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ وَلَا مُؤَاخَذٍ بِسَبَبِهِ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَكَادُ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْ الشَّرْعِ نَعَمْ إذَا أَطْلَقَ الْمُطَلِّقُ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَلَا بِسَاطَ وَلَا عَادَةَ صَارِفَةٌ حَنَّثْنَاهُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعُمُومِ لِلْوَضْعِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَطْلَقَهُ وَنَوَى جَمِيعَ أَفْرَادِهِ بِيَمِينِهِ حَنَّثْنَاهُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعُمُومِ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِلْوَضْعِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ مَعَ النِّيَّةِ الْمُؤَكِّدَةِ لَهُ وَإِنْ أَطْلَقَهُ وَنَوَى بَعْضَ أَفْرَادِهِ لَفْظُهُ الْعَامُّ بِالْيَمِينِ وَغَفَلَ عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ حَنَّثْنَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَنْوِيِّ وَلَمْ نُحَنِّثْهُ بِمَا عَدَاهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَالِفِ أَوَّلُ مُعْتَبَرٍ فِيمَا

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست